آخر المواضيع

السبت، 27 مارس 2021

لعنة قصيدة جحيم تومينو

 


هل سمعت يوما عزيزي القارئ، أن أبياتا شعرية يمكن أن تكون سببا في أن تقلب حياة قارئها رأسا على عقب؟ سوف نحكي لكم اليوم حكاية قصيدة جحيم تومينو الملعونة و المرعبة التي تعود وقائعها في اليابان، قصتنا هذه تحكي عن قصيدة جحيم تومينو التي تتحدث  عن رحلة تومينو إلى الجحيم، و لابد أن الكثير منكم قد أخذه الفضول لمعرفة أحداث قصتنا و لذلك لن نطيل عليكم الكلام و سنبدأ في سرد حكايتنا.

جحيم تومينو ليس إلا عنوانا لقصيدة يابانية ألفها الشاعر الياباني سايجو ياسو في مجموعته الشعرية السابعة و العشرين تحت إسم "sakinأو gold dust أو غبار الذهب" في عام 1919. كان سايجو ياسو أستاذا جامعيا عاش في فرنسا فترة من الزمن و هناك درس في جامعة السوربون الفرنسية، و قد تأثرت أعماله بدرجة كبيرة بالشعراء الفرنسيين أمثال " آرثر رامبو، ستيفان مالامي، و بول فاليري " الذي أصبح هذا الأخير فيما بعد صديقا له، و لقد كانت أعمال سايجو ياسو تتسم ظاهريا على أنها قصائد للأطفال إلا أنها كانت تحمل في طياتها رموزا غريبة و تلاعب في الألفاظ والتي قد تكون في مجملها مروعة.

 قصيدة جحيم تومينو أصبحت معروفة للجماهير الحديثة في اليابان بعد أن أدرجها الكاتب و الناقد السينيمائي الياباني يوموتا إينوهيكو في كتاب نشر عام 1998 بعنوان " the heart is like a rolling stone"، يقال عن هذا الشعر أنه يقتل كل من تسول له نفسه على قرائته بصوت عال، و هذا الشعر يأتي مصحوبا بعبارة " إذا قرأت هذا الشعر سوف تحدث لك أشياء مأساوية"، فإذا أخذك الفضول لقراءة هذه القصيدة فيجب عليك قرائتها بعقلك فقط  و ليس بصوت عال أبدا حتى تتجنب حدوث الأسوأ، و إلى غاية اليوم لم يعرف أبدا كيف بدأت هذه اللعنة ولماذا هذه القصيدة بالتحديد ملعونة فاليابانيون أنفسهم لم يستطيعوا تحديد لغز ما وراء تلك الأبيات الشعرية الرهيبة.

هذه القصيدة الملعونة تحكي عن رحلة تومينو إلى الجحيم وقد قيل أن كل من يقرؤها بصوت عال يصاب بلعنة، و تكون العواقب وخيمة تكون إما بالموت أو تنقلب حياته إلى جحيم ،لكن السؤال الذي حير الناس هو من يكون هذا التومينو هل هو ذكر أم أنثى؟ و لكن الغريب في الأمر أنه يقال أن تومينو هو ليس إسما شائعا خاصا بالأولاد أو البنات، فمن يا ترى يكون هذا التومينو؟.

 تعود حكايتنا إلى أواخر القرن التاسع عشر في اليابان، و في تلك الحقبة ظهرت قصيدة جحيم تومينو حيث يرجح أن يكون المؤلف الحقيقي لها هو شخص آخر و أن الشاعر سايجو ياسو أعاد إحيائها عندما قام بضمها إلى مجموعته الشعرية السابعة و العشرين، و قد قيل أن صاحب القصيدة الحقيقي كان شخصا يعاني من إعاقة جسدية، فقد كان مقعدا لا يستطيع المشي و كما قلنا في السابق أن جنس هذا الشخص غير معروف إن كان ذكرا أم أنثى، إلا أن المعروف عنه أنه كان يعيش في وسط أسري سيء للغاية، حيث كان يتلقى معاملة سيئة من طرف أبويه فقد كان والده يحتجزه في القبو و يحرمه في بعض الأحيان من الطعام، مما اضطر للعيش وحيدا أو بعبارة أدق كان يعيش في عزلة تامة عن الناس لذلك كانت الكتابة هي المتنفس الوحيد لديه لكي يعبر عن ما يعانيه من آلام و أحزان و عن الغضب الذي يعتريه جراء ما يعانيه من قسوة أبويه و قسوة الحياة غير العادلة إتجاهه، و نتيجة للأوضاع المزرية التي كان يعيشها توفي بسبب إصابته بمرض إلتهاب الشعب الهوائية جراء البرد و سوء التغذية نتيجة الإنعدام التام للرعاية و الإهتمام في فترة مرضه، و هكذا بقيت روحه الغاضبة و الناقمة على الحياة التي لم تنصفه متأصلة في قصائده و التي إذا قرأت بصوت عال فسوف توقظ لعنته.

في عام 1974 تم إصدار فيلم بعنوان " to die in the countryside tomino s' hell" كتبه و أخرجه تيراياما شوجي، و قد أخذ الكثير من الإلهام من قصيدة جحيم تومينو عند صنعه للفيلم، عندما مات في وقت لاحق إدعى الناس أن سبب الوفاة راجع إلى لعنة قصيدة جحيم تومينو و لم تتوقف الإشاعات عند هذا الحد بل ترددت شائعات أخرى تتحدث عن وفاة طالبة جامعية قامت بقراءة تلك القصيدة، كما كانت هناك بعض الحوادث الخطيرة التي حدثت و التي تمثلت في السقوط و فقدان الصوت الدائم و حوادث الطرق و الأمراض المفاجئة، و كذلك حالات الوفاة المفاجئة دون سبب واضح و جميع تلك الحالات تشترك في شيء واحد و هي قراءة شعر تومينو بصوت عال.

و لقد كان أغلب ضحايا هذا الشعر من العامة بما في ذلك المتفرجون البسطاء الذين حاولوا تبديد أسطورة تلك القصيدة الغامضة ، ففي ثمانينات القرن الماضي في اليابان ظهر إتجاه تصوير الأصدقاء العازمين على قراءة شعر جحيم تومينو بصوت عال و ذلك بهدف تبديد تلك الأسطورة المخيفة المتعلقة بالقصيدة و أنها مجرد خرافة فقد كانت قصيدة جحيم تومينو مشهورة على الموقع الياباني المعروف بـ 2ch، و كان الكثير من الأعضاء يقبلون على تحدي قرائة الشعر و ينشرون صورا و فيديوهات تثبت قرائتهم له على الموقع، البعض قالوا أن لاشيء حدث معهم و البعض الآخر لم يعودوا للموقع مجددا ليخبروا بأي شيء، لذلك يجب القول أنه لم تكن هناك عواقب في كثير من الأحيان لذلك رجح أن اللعنة تحدث بشكل عشوائي أو ربما تكون تلقائية فقط، و رغم ذلك فإن أغلب كبار السن يفضلون عدم ذكر الأسطورة أو التحدث عنها لما تحمله من خلفية مشؤومة و ليس هذا السبب الوحيد بل هناك سبب آخر و هو أن الخرافات في اليابان لا تزال حاضرة في المجتمع الياباني إلى الآن.

و بغض النظر عن وفاة تيراياما بعد تسع سنوات من إنتاجه للفيلم و الذي رجح أن سبب الوفاة هو القصيدة الملعونة، غير أن هوية الطالبة المتوفاة بقيت مجهولة، ولكن ما يبطل حقيقة لعنة تلك الأسطورة المتعلقة بقصيدة جحيم تومينو هو أن الشاعر سايجو ياسو عاش حتى سن الثامنة و السبعين، و نظرا لكونه شاعرا فلابد له من قراءة القصائد التي يؤلفها بصوت عال أمام الجمهور مرات عديدة خلال حياته الطويلة و هذا ما قد يفند أسطورة لعنة قصيدة جحيم تومينو.

و في الأخير، من يرغب في الإطلاع على قصيدة جحيم تومينو فما عليه سوى كتابة عنوان القصيدة في جوجل فهي موجودة على الإنترنت و متوفرة باللغة  الأصلية اليابانية و تمت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية إلا أن الترجمة الإنجليزية ليست دقيقة، غير أنه يقال أن اللعنة لن تصيبك إلا إذا قرأت القصيدة بصوت عال و باللغة اليابانية.  




هناك تعليقان (2):