آخر المواضيع

الأحد، 18 أبريل 2021

أميرة فانتازستان




حكايتنا لهذا اليوم تأتيكم من تركستان حيث يحكى أنه في قديم الزمان، عاشت فتاة في غاية الحسن و الجمال حيث قيل عنها أنه لم يكن في كل أرجاء تركستان سيدة أكثر رقة و عطفا من أميرة فانتازستان، و في يوم من الأيام و بينما كانت الفتاة الحسناء تجمع التوت شاءت الأقدار أن تلتقي بملك تركستان أثناء قيامه بجولة في الغابة من أجل الصيد، و بمجرد أن وقعت عينا الملك عليها وقع في غرامها على الرغم من كونها فتاة بسيطة ترتدي أبسط الملابس.

كان الملك شابا مقداما يبحث عن عروس مناسبة، حيث لم يكن قد قابل من قبل من إستطاعت أن تحرك مشاعره و تمتلك قلبه مثلها، سأل عن منزل أبويها حتى يطلب يدها للزواج، و لكنها كانت في كل مرة تهز رأسها، كانت عيناها في براءة عيون الأطفال و كانت تبدو وحيدة في هذا العالم. رفعها الملك لتمتطي حصانه و أخذها إلى القصر الأزرق الفيروزي حيث يعيش مع أمه و أخواته، و في حفل بهيج كانت الفتاة الحسناء ترتدي ثوب الزفاف الحريري حيث تم زواجها من ملك تركستان.

إستمرت الحياة هنيئة لمدة عام، و سرعان ما إكتشف رجال البلاط أن ملكتهم مرحة و عطوف و طيبة، و بعد تسعة أشهر رزقا بالأمير الصغير و بمجرد أن بلغ سن ثلاثة أشهر دبت الغيرة منها في قلوب أخوات الملك الثلاث اللواتي لم يكن قد تزوجن بعد، حيث بدأن في إثارة الشائعات حولها في البلاط الملكي أولا حتى وصلت إلى كل أرجاء تركستان، و قد كان السؤال الذي يتردد على كل الألسنة هي من تكون تلك الفتاة التي تزوجت من حاكمهم النبيل؟ و هل تستحق ما هي فيه؟ و كيف سيكون أولادها؟ و كيف يكون الملك بالحماقة التي تجعله يعود إلينا بملكة بعد رحلة صيد دون أن يعرف عنها شيئا؟.

دافع من أحبوها عنها قائلين أنها لابد من أنها تنتمي لعائلة كريمة و كفء لأن تكون أما لأولاد حاكمنا، و في الجهة المقابلة كان الناقمون عليها من أجل نيل الحظوة عند الأميرات الشريرات قائلين:"فالنذهب إلى بلادها إذا، خذونا إلى بلاد الخيال تلك التي أتت منها الملكة لكي نرى بأنفسنا"، لكن الملكة المسكينة كانت مدركة حجم الشر و الحقد الشديدين التي يكنه لها شقيقات زوجها، و أنها غير قادرة على إرضائهم أبدا.

و مع مرور الأيام كانت الشائعات تزداد سوءا، و في النهاية فكرت الملكة الشابة بأن الملك سيكون سعيدا من دونها فقررت أن تجنبه المشاكل و أنه لابد لها من العودة إلى المكان الذي وجدها فيه الملك حيث كانت على الأقل تعيش هناك في سلام تقطف التوت، و عندما إستعد الملك و رفاقه لرحلة الصيد قامت الملكة بلف الأمير الصغير في بطانية، و حملت معها بعض الأشياء و ذهبت مسرعة في الإتجاه المعاكس، و كان رجال البلاط الذين كان معظمهم يكرهونها يراقبونها من بعيد و هم يشكون في أن تكون شحاذة أوقعت بالملك في شباكها ليتزوجها، لذا أرادوا أن يعرفوا الحقيقة.

عندما وصلت إلى الغابة، و في المكان نفسه حيث كانت تجمع التوت قبل سنة، دخلت بين الأشجار و إختفت. و مما زاد من دهشتهم جميعا وجود قصر رائع وراءها، كان في حجم قصر ملك تركستان. حيث كان هناك قباب من المرمر مرصعة بالجواهر اللامعة، و مداخل من العاج، و أقفاص فضية بداخلها طيور تغني و سمان يتشاجر في سلال من البوص. و كان هناك غزلان في الحدائق وورود رائعة الجمال في كل مكان، و كان يحرس البوابات جنود في دروع لامعة و خوذات من الصلب يذرعون المكان جيئة و ذهابا بأعداد كبيرة.

وقفت الملكة الشابة المتعبة بملابسها التي ملأها التراب و هي تحمل بين ذراعيها أميرها الصغير و مشت بصعوبة نحو البوابة، ففتحت الأبواب الفضية بسرعة تحية لها، و رفرفت الرايات من الشرفات و ظهر الناس من النوافذ مرحبين بها، ثم ظهرت ملكة طويلة ذات شعر أبيض و ملك نبيل كبير في السن من القصر قائلين:"أدخلي يا عزيزتي، أدخلي يا إبنتنا التي إفتقدناها طويلا. ما الذي حجبك عنا؟ أحضري أصدقائك الواقفين خلفك، لا تنسي منهم أحدا. أحضروا الطعام و الهدايا".

دخل رجال البلاط و هم مشدهين في جمع غفير من الناس السعداء، أجلسوا على الأرائك ووضع أمامهم الطعام و من ورائهم العبيد يحركون المراوح لتهويتهم، و إستمرت الإحتفالات سبعة أيام و سبع ليال.

بعدها عاد ملك تركستان من رحلة الصيد و ذهب يبحث عن زوجته، لكن رجال القصر الذين بقوا فيه من مروجي الشائعات حول الملكة و عن الطريقة التي غادرت بها القصر.

حينها شد الملك الرحال للبحث عن زوجته حتى وصل إلى القصر في الغابة، و هناك إستقبله الملك و الملكة و قدما نفسيهما على أنهما  ملك و ملكة فانتازستان و بأنهما والدا زوجته، و قاما بمعانقة زوج إبنتهما في غبطة و لعبا مع الأمير الصغير و عبرا عن رضاهما عن حياة إبنتهما الجديدة.

عندما تيقن رجال البلاط من أن الملكة تنتمي لسلالة ملكية نبيلة، قدموا إعتذارهم و عادوا أدراجهم و هم يجرون أذيال الخيبة و الخجل. كيف كان لهم أن يشكوا في إختيار ملكهم؟. 

قالت الملكة الأم للملك الشاب:"إذهب لرجال بلاطك و أترك إبنتنا معنا لليلة واحدة أخرى و سنقوم بإرسالها لك مع الأمير الصغير، فلا تخف و كن مطمئنا عليهما".

و هكذا ذهبوا جميع و هم يعودون النظر على قصر مملكة فانتازستان، و نامت الملكة الشابة تلك الليلة في سريرها قريرة العين و إبنها الصغير بجانبها. 

و في الصباح لم يكن هناك أي أثر للقصر، الملكة ذات الشعر الأبيض و الملك الطويل، العبيد، الجنود، الطيور، الورود... لم يبقى شيء، لا عصا و لا حتى حجر، و عندما إستفاقت الملكة الشابة من نومها وقفت و نظرت من حولها فظهرت لها إمرأة عجوز و أخبرت الملكة الشابة أنها ساحرة الغابة و قبل وفاة والديها أودعاها عندها للإعتناء بها حتى كان قدرها أن تلتقي بملك تركستان، و أنها عندما علمت بالمعاملة القاسية التي تلقتها من طرف شقيقات الملك و بعض رجال البلاط جاءت لمساعدتها و إخراجها من المأزق الذي وقعت فيه، و قبل أن تغادر الساحرة ودعت الملكة الشابة و أميرها الصغير و إختفت و بهذا عادت الملكة الشابة مع ولدها الصغير إلى القصر و رحب بها الجميع ترحيبا يليق بملكتهم.

 

    

 

   

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق