آخر المواضيع

الاثنين، 18 أبريل 2022

الطبيب السفاح


الطبيب السفاح

من المفترض أن يكون الطبيب كالملاك في عيون مرضاه، و لطالما كان الطبيب يساعد مرضاه و يعالجهم من الأمراض و يخفف عنهم آلامهم لا أن يكون سببا في تعذيبهم و إزهاق أرواحهم و حكاية اليوم تتحدث عن شخصية غريبة و غاية في الخطورة بطلها طبيب بريطاني يدعى هارولد فريدريك شيبمان و يقال عنه أنه واحد من أشهر السفاحين في تاريخ بريطانيا، حيث قام بقتل 250‪  شخصا من مرضاه خلال 18 سنة من مزاولته لمهنة الطب حيث كان يقوم بقتلهم عن طريق حقنهم بمواد كيميائية بكميات كبيرة قاتلة تؤدي إلى وفاتهم على الفور.
ولد الطبيب السفاح هارولد فريدريك شيبمان في مدينة توتنغهام البريطانية عام 1946، و عندما بلغ هارولد السابعة عشرة من عمره إلتحق بجامعة ليدز لطب عام 1965 و هناك قابل السيدة بريمروز التي أصبحت فيما بعد زوجته عام 1966 و التي رزق منها بأربعة أولاد.
في عام 1970 تخرج من كلية الطب و بدأ حياته المهنية في أحد المستوصفات في مدينة صغيرة جنوب ليدز و في هذا المستوصف بدأت سلسلة جرائمه المتتالية و التي دامت لمدة ثمانية عشرة سنة من قتل الناس بدم بارد و دون أن يرف له جفن. 
بعد ذلك عمل كطبيب في تودمودرن غرب يوركشاير عام 1974و في عام 1975 تم إكتشاف ضلوعه في عمليات تزوير لوصفات طبية لمادة الباثيدين و هو عقار مخدر كالمورفين حيث تبين أنه كان يتم إستخدامه لفائدته الشخصية فقاموا بإرساله إلى مصحة مكافحة الإدمان في مدينة يورك، و بعد تخلصه من إدمانه و شفائه عاد للعمل كطبيب مرة أخرى في إحدى مستشفيات هايدي بالقرب من مدينة مانشستر عام 1977 و قد إستمر في هذا العمل خلال فترة الثمانينات حتى إفتتح عيادته الخاصة عام 1993. 
مرت الأيام و الشهور و السنين و هو يمارس مهنة الطب التي كان من المفروض أن تكون مهنة نبيلة و إنسانية قبل كل شيء دون أن يكتشف أمر ضلوعه في حوادث وفيات حدثت في المستشفى الذي يعمل فيه لكن في عام 1998 بدأت تحوم حوله الشكوك و ذلك بسبب نسبة الوفيات العالية التي تحدث لمرضاه و خاصة النساء اللواتي تكن في سن متقدم، و رغم ذلك لم تتمكن الشرطة من إيجاد دليل واحد يدين هارولد بقتل مرضاه و في ذلك الوقت كان الطبيب السفاح يواصل سلسلة قتل ضحاياه من المرضى حيث أنه قام بقتل ثلاثة نساء خلال الشهور التالية قبل أن يتم القبض عليه من طرف رجال الشرطة. 
كانت آخر ضحاياه إمرأة تدعى كاثلين كراندي و التي كانت تشغل في السابق منصب رئيس البلدية حيث تم العثور عليها ميتة في بيتها في الرابع و العشرين من يونيو عام 1998 و كان آخر شخص يراها قبل وفاتها هو الطبيب هارولد و الذي وقع على شهادة وفاتها أيضا. 
بدأت الشكوك تحوم حول هارولد عندما إكتشفت إبنة كراندي آخر ضحاياه أن والدتها منحت في وصيتها مبلغ من المال تقدر قيمته بحوالي 386000 جنيه إسترليني إلى هارولد، مما جعلها تذهب إلى الشرطة التي بدأت في التحقيق المكثف حول الطبيب السفاح، و أثناء تشريح جثة كراندي تم العثور على مادة  الديامورفين و هو عقار يصنف كالهيروين و لكنه مسموح في بريطانيا و يوصف لتخفيف الآلام. 
بعد جمع الأدلة اللازمة و التي تبين فيها ضلوع الطبيب هارولد في العديد من الجرائم و من بين تلك الأدلة العثور على آلة طباعة و التي أستخدمت في طباعة وصية كراندي التي قام بتزويرها و هنا تم إلقاء القبض على الطبيب السفاح هارولد حيث قامت الشرطة أثناء إستجواب هارلود بفتح ملفات مرضاه الآخرين خلال سنوات عمله كطبيب حيث توصلوا إلى الطريقة التي كان يستخذمها في قتل ضحاياه، حيث تبين أنه كان يقوم بحقن ضحاياه بمادة الديامورفين و التي تصبح قاتلة إذا أعطيت بكميات كبيرة و كان يقوم بالتوقيع على شهادة وفاتهم و بعدها يقوم بتزوير السجلات الطبية ليظهر ضحاياه على أنهم كانوا يعانون من المرض الشديد و أن إحتمالية شفائهم منعدمة. 
في الخامس من شهر أكتوبر من عام 1999 بدأت محاكمة هارولد حيث أدانت المحكمة هارولد بقتله خمسة عشرة جريمة قتل للفترة من 1995 حتى عام 1998 و أدين بها جميعا في عام 2000.
تم الحكم على هارولد بالسجن مدى الحياة نظرا لكون عقوبة الإعدام ملغاة في بريطانيا من دون أي حق بطلب التخفيف، لكن هارلود أنكر جميع التهم الموجهة إليه و أن تلك الجرائم المنسوبة إليه لم يقم بإقترافها و نتيجة لصدور الحكم النهائي تم إغلاق التحقيق في القضية. 
على الرغم من أن المحكمة قد أعطت حكمها النهائي في حق الطبيب السفاح هارولد فريدريك شيبمان و القاضية بالسجن مدى الحياة مع عدم إمكانية التخفيف إلا أن الكثير من الناس رأو أن هذا الحكم لم يكن عادلا في حقه كونه قام بقتل المئات من الضحايا الأبرياء خلال مسيرته المهنية. 
يعتقد البعض أن سبب قيام طبيب مثل هارولد بالقتل راجع ربما إلى طفولته حيث يتعلق الأمر بتجربة عايشها في طفولته و هو وفاة والدته بسبب المرض مما ترك لديه عقدة نفسية، بينما يرجح البعض الآخر أن هارولد كان مولعا بإجراء التجارب على العقاقير الطبية المخدرة و أنه كان يطبقها على مرضاه، و يعتقد آخرون يعتقد أنه قام بكل تلك الجرائم من أجل المال و خاصة بعد العثور على بعض المجوهرات و التي كانت تعود للضحايا، إلا أن السبب الحقيقي وراء تحول طبيب كان من المفترض أن يكون سببا في شفاء الناس من آلامهم إلى مجرم خطير يفتك بمرضاه بدم بارد مجهولا خاصة و أن هارولد نفسه لم يعترف بإرتكابه بتلك الجرائم حتى في آخر أيامه حيث عثر عليه منتحرا زنزانته في صباح يوم ١٣ يناير من عام 2004 حيث أقدم على شنق نفسه بواسطة غطاء السرير. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق