آخر المواضيع

الخميس، 13 مايو 2021

لغز جريمة الكوخ قرب مدينة آشبورن




رحلة بحث عن بيت الأحلام تتحول إلى حدث مأساوي، حكايتنا لهذا اليوم تتحدث عن  حادثة مرعبة و التي تدور وقائعها في لندن و تحديدا في مدينة آشبورن، تبدأ القصة بقيام روبرث سانفورد و زوجته الشابة ماري في البحث عن البيت الذي كان يحلمان به حيث تواصل البحث لعدة شهور حتى عثرا في النهاية على المنزل المنشود، فقد كان عبارة عن كوخ جميل و على الرغم من أنه بدا متداعيا بعض الشيء، إلا أن موقعه الرائع المطل على النهر عند نهاية الغابة الكثيف كان قد أسرهما، و هكذا إنتقلت عائلة سانفورد عام 1901 من لندن إلى المقر الجديد بالقرب من آشبورن، ولم يكن بالقرب من المنطقة التي أقيم فيها هذا الكوخ سوى مبنى واحد و الذي كان عبارة عن كنيسة نورماندية تكاد تختفي وسط أشجار الغابة. و لقد شهد ذلك الموقع الشاعري سلسلة من الحوادث المرعبة لما قتلت السيدة ماري بعد ذلك بشهور بينما كانت وحدها في الكوخ. 

الكوخ الذي إنتقلت إليه العائلة الصغيرة، بني فوق أرض كان يقام عليها منزل ريفي كبير، يملكانه شقيقان، كانا وفقا للروايات الشائعة في المنطقة، على درجة كبيرة من الفسق و النزوع إلى الشر، إلى حد أن أقاربهما وجدوا صعوبة كبيرة في إقناع الكنيسة بإجراء مراسم دفن مسيحية لهما. 

و قد جرى دفنهما في ساحة الكنيسة النورماندية، و فوق مقبرتهما وضع غطاء رخامي ضخم، نحت عليه تمثال للشقيقين يمثلهما و قد رقدا جنبا إلى جنب. 

و قد تندر الزوجان روبرث وماري بالقصة التي يتناقلها الفلاحو ن، و التي تقول أن التمثاليين الرخاميين يغادران غطاء المقبرة مرة في السنة، فيما يسمى عندهم "بيوم الأرواح" و أنهما يزوران الأماكن التي شهدت جرائمهما القديمة التي إتسمت بالبشاعة و الفظاعة، و يحومان في المكان الذي يقوم فيه بيتهما الكبير، و المقام عليه حاليا الكوخ الذي يسكنه الزوجان السعيدان. 

في يوم من أيام خريف عام 1901، و بعد أن تناول الزوجان الشاي، إقترح روبرث أن يمضيا في جولة لمشاهدة غروب الشمس، لكن الزوجة فضلت أن تبقى إلى جوار المدفأة، إذ أنها كانت تشعر ببعض التعب، و هكذا إنصرف الزوج بمفرده، فقادته جولته إلى ممر يؤدي إلى ساحة الكنيسة، و فجأة توقف عن السير متسمرا في مكانه لا يصدق ما تراه عيناه، فمن بين الأشجار رأى مقبرة الأخوين الشريرين تتوهج بضوء أبيض على خلفية السماء السوداء، كانت تفاصيل المقبرة واضحة بشكل ملفت و قد إختفى من فوقها الغطاء الرخامي الثقيل و بإختفائه إختفى التمثالان الرخاميين  للأخوين الشريرين. 

أول ما خطر على بال روبرت أن الأمر لا يعدو أن يكون مزحة قام بها أحد العابثين، لكنه تذكر أن رفع الغطاء الرخامي عن المقبرة أمر شاق لا يقدر عليه إلا مجموعة من الناس، و بالحرية التي سببتها له هذه الصدمة، أسرع مبتعدا عن المكان، منتويا العودة إلى بيته، لكنه بعد قليل وقف في مكانه، ثم عاد أدراجه إلى المقبرة يريد أن يتثبت مما رآه. 

سار بشجاعة حتى وقف أمام المقبرة، أشعل عود ثقاب فوجد الغطاء فوق المقبرة و التمثاليين الرخاميين في مكانهما، بنفس الصورة التي رآهما عليها دوما، أشعل عددا من أع اد الثقاب، ممتحنا كل جانب من جوانب المقبرة، فلم يجد في أي ركن منها ما يوحي بأن غطاء المقبرة قد أزيح من مكانه، ربما فيما عدا ما لاحظه من غياب أصبعين من كف أحد التمثاليين، فتصور أن الأمر كان دائما على هذا الحال، و أنه في المرات السابقة لم يلاحظ هذا النقص. 

أخيرا، إستدار روبرث منصرفا و قد إستراحت نفسه، لا ريب أنه كان ضحية خدعة ضوئية، أو ربما كانت حالة عارضة من الهلوسة. و في طريقه إلى الكوخ أخذ يتساءل، هل يخبر زوجته بما حدث؟ هل ستخيفا الرواية، أم ستضحك عليها عاليا؟.. 

أخذ روبرث طريقه عبر الممر المؤدي إلى الكوخ وقد ساد الظلام.. عندما إقترب من الكوخ أطلق صفيره المعتاد، متوقعها أن يسمع صفير زوجته كما تفعل دائما، لكنه هذه المرة لم يسمع أي صفير. كما لاحظ أن نوافذ البيت جميعا لا يظهر منها أي ضوء. شعر روبرث غريزيا بأن شيئا سيئا قد حدث. 

إند فع ليعدو نحو الكوخ مناديا زوجته، و دفع الباب بقوة، ليواجه داخل البيت بصمت و ظلام مطبقين. كان قد إستنفد كل ما معه من أعواد ثقاب عندما كان عند المقبرة، فراح يتحسس طريقه في الظلام بحثا عن علبة أعواد ثقاب أخرى، و هو يصيح بإسم زوجته صيحات متصاعدة في حدتها. عندما عثر آخر الأمر على بغيته، أشعل مصباحا، ووقف يتطلع حوله، غير مصدق ما تراه عيناه. 

كانت حجرة الجلوس الصغيرة في حالة من الفوضى الشاملة، كل ما بها تحطم، و كأنها قد أصيبت إصابة مباشرة بقذيفة قوية. أما أرضية المكان الحجرية فقد تشققت كما لو كانت قد تعرضت لضربات قوية للغاية، كما ظهرت الشروخ في الحوائط، و مائدة الطعام الثقيلة رآها متفسخة و قد إنقلبت رأسا على عقب. 

وسط هذه الفوضى الشاملة، و الخراب المطبق، رأى روبرث جسد زوجته ممددا على الأرض. 

في أقواله التي أدلى بها، و التي تضمنها تقرير الشرطة الرسمي عن الحادث، قال روبرث أن وجه زوجته إرتسم عليه تعبير متجمد للرعب القاتل، لقد كانت الزوجة مقتولة خنقا، و هكذا جرى الزوج الباكي المصدوم ثلاثة أميال كاملة، حتى وصل إلى أقرب قرية يطلب النجدة، و عندما وصل المحققون من شرطة آشبورن، أرسلوا الدوريات لتمسح المنطقة بأكملها، لكنهم لم يعثروا على أي أثر للقاتل. 

و في اليوم السابق للجنازة، جلس روبرث ساكنا إلى جوار زوجته الممدد وسط الكوخ، كان يفكر للمرة للألف في التجربة التي مر بها في ساحة الكنيسة، و في الأسطورة الشائعة بين الفلاحين حول ما يجري في يوم جميع الأرواح و في التخريب العنيف الذي رآه عند عودته للكوخ، كان يفكر.. ما هي تلك القوة الخارقة التي إستطاعت أن تحدث مثل هذا التخريب الشامل؟ كل هذا العنف؟ و كان أثناء هذا يثبت نظره على الشرخ الكبير في أرضية المكان الحجرية، ثم ينقله إلى الشوق الممتدة على طول الحائط.  

و للمرة الأخيرة، أمسك بيد زوجته، التي كانت أصابها مغلقة بقوة، و برفق شديد بدأ روبرث يبسط أصابع الكف واحدا بعد الآخر، فسقطت من اليد إلى الأرض قطعة من الحجر الأبيض، إلتقط روبرث القطعة الحجرية، فرآها على شكل أصبعين منحوتتين من الرخام.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق