وخلال مسيرته الأدبية، نجح هيمنجواي في تأليف عدد من القصص والروايات الخالدة، ولعل أبرزها "الشيخ والبحر" و "وداعاً للسلاح" و "لمن تقرع الأجراس" و "الموت بعد الظهر".
وبفضل هذه الإنجازات، كسب المؤلف الأميركي جوائز عالمية كجائزة بوليتزر للأعمال الخيالية عام 1953، وجائزة نوبل للآداب عام 1954.
يعتبر الروائي الأمريكي أرنست ميلر هيمنجواي من أكثر الشخصيات التاريخية غرابة على الإطلاق.
فقد كان يكره شراء ملابس جديدة، و يرفض تماما أن يرتدي ملابس داخلية، و كان يرهب إستعمال الهاتف جدا، و يحمل دائما تعويذة في جيبه.
و كان لديه ميل رهيب للرحلات و السفر، و خاض فترة عمل لدى المخابرات الأمريكية سرا، و لم يعرف أحد ذلك إلا بعد وفاته.
هيمنجوائي كان الكاتب الأعلى سعرا في زمنه على الإطلاق، و لكنه من المستحيل أن يكتب كلمة واحدة يوم الأحد تحديدا لسبب مجهول.
كان هيمنجواي ضحية دائمة للإكتئاب و إدمان الكحوليات، و مات منتحرا بطلقة رصاص من بندقيه التي كان يحتفظ بها دائما و يعتز بها جدا، و هو المصير الذي إستمده على ما يبدو من مصير والده و أخيه و أخته، الذين ماتوا جميعا منتحرين أيضا.
هيمنجواي هو الأديب الأمريكي الكبير الحائز على جائزة نوبل للآداب في عام ١٩٤٥، و أحد أشهر الرواة و كاتبي القصص في الولايات المتحدة الأمريكية و العالم أجمع.
صباح يوم أحد قبل خمسين عاما تقريبا، تسلل رجل ستيني بحذر من فراشه، خشية أن يوقظ زوجته، و خرج من الغرفة، إرتدى ما سماه رداء الإمبراطور و تناول بندقية بعيارين إعتاد أن يصطاد الحمام بها، إتجه إلى مدخل المنزل في جبال "سوتوث" في ولاية آيداهو، ووضع الفوهة على جبينه و ضغط، رحل أرنست هيمنجواي في الثاني من يوليو عام 1961 قبل أن يكمل الثانية و الستين بتسعة عشرة يوما.
و قالت ماري ولش، زوجته الرابعة، إن البندقية إنطلقت خطأ بينما كان ينظف بندقيه، ثم ظهرت الحقيقة و أنه تخلص من حياته بنفسه.
و كان السؤال: ما الذي جعل كاتبا مشهورا و ناجحا يتخلص من حياته بنفسه؟ و هو أيضا المراسل الحربي السابق، و صياد الأسود السابق، و مصارع الثيران السابق؟.
و في مقال طويل بعنوان"أرنست هيمنجواي تشريح نفسي للحادثة إنتحار"، كتب كريستوفر مارتن في مجلة الطب و تراوحه بين الدين، النفسي الأمريكي، أن الكاتب عانى من إزدواجية المزاج و خلل في وظائف الدماغ، و ربما أيضا سمات الشخصية النرجسية.
و دلل البحث بأن هيمنجواي ورث عن والديه نوعا من الإكتئاب الجنوني، و أن أفراد أسرته قاموا في أربعة أجيال في العائلة بخمس محاولات إنتحار نجحت منها واحدة عندما إنتحر أبوه هو.
و إستعداد مارتن كثرة تعرض هيمنجواي للحوادث خطيرة، و ركز على خبرتين من طفولته، بالغت والدته جريس في إعتماد تقليد من القرن التاسع عشر، و هو فرض ملابس البنات و تسريحة شعورهن على الأطفال الذكور أيضا.
و درجت على تلقيبه "بالدمية الهولندية" و كانت تلبسه ثوبا مزينا بالدانتيل، و أنه كان في الثانية حين تمرد على تأنيثه قائلا بأنه ليس دمية هولندي.
و في مقابل التأنيث الأموي، جاء الإذلال من والده، الذي ضربه بشريط الجلد المخصص لشحذ شفرة الحلاقة، و حقن الطفل غضبه و إختبأ في كوخ الحديقة الخلفية و هو يصوب بندقية إلى رأس أبيه، كان أرنست في التاسعة و العشرين عندما أطلق الأب النار على رأسه بمسدس من الحرب الأهلية، و قال مارتن إن الإبن شعر بالذنب لأنه فكر بقتل والده، لكنه لام أمه حيث كتب في مذكرات، "أبغضها و تبغضني، أجبرت والدي على الإنتحار".
و رأى مارتن أن إنهار أرنست هيمنجواي بدأ مع إنتحار والده في عام 1928، إذ تبعته حوادث عدة أصابت رأس الكاتب، في ما بدا تقليدا للإصابة الأب.
و إستعداد مارتن عبارة هيمنجواي الشهيرة عندما كان يتحدث عن هواية الصيد عندما قال:" أمضى وقتا كبيرا في قتل الحيوانات و السمك لكي لا أقتل نفسي".
هيمنجواي قال أيضا ذات مرة للممثلة آفا جاردنر:"إن الكتابة ملاذه من أمنية الموت، و إن حفلت بالعنف الذي قلد حياته".
و يقول هيمنجواي عن نفسه:" إنه كتب روايته" وداعا للسلاح" عن الحرب العالمية الأولى، التي رغب في التطوع للقتال فيها و رفض طلبه لخلل في نظره.
و يقول إنه عمل سائق سيارة إسعاف و أصيب، فأحب الممرضة الأخت أجنيو فون كوروفسكي.
و يقول إنه عمل مراسلنا حربيا في الحرب الأهلية الإسبانية و كتب روايته " لمن تقرع الأجراس" من وحيها.
و يقول إنه رأى الإنكشاف الأقصى في مصارعة الثيران، و ركض أمامها في شوارع بامبلونا، و كتب " موت بعد الظهر" عنها. و يقول إنه إستوحى حياته في مسرحية "الطابور الخامس"، التي تناولت صحفية شجاعة تهوى جاسوسا مقداما يفرط في الشرب و يتظاهر بأنه مراسل حربي.
و حين منحته الأكاديمية السويدية جائزة نوبل في الأدب عام 1954، مدحت تمكنه من فن السرد، خصوصا في روايته الشهيرة" العجوز و البحر". و خشي هيمنجواي ألا يكتب شيئا ذا قيمة بعد الجائزة، و بالفعل عجز عن الكتابة، و حين طلب منه كتابة عبارة واحدة عام 1961 لكتاب عن جون كينيدي، بقى الورق أمامه خاليا، و قال لهوتشنر كاتب سيرته:" لم تعد الكلمات تأتي"، و بكى و رافق الإكتئاب هيمنجواي بشكل رهيب.
و حدث أنه كان في مطعم عندما رأى موظفين يعملون في ساعة متأخرة، و خيل إليه أنهم عملاء فيدراليون يدققون في حسابه.
و لامست سيارته سيارة أخرى فخشي سوقه إلى السجن، و راح يهلوث و عولج بالصدمة الكهربائية.
في النهاية، حاول هيمنجواي الإنتحار مرتين، و في إحداهما سار أمام طائرة قبل توقفها.
و بعد شهرين، و في الصباح التالي تسلل من فراشه، لبس "رداء الإمبراطور"، و تناول البندقية و فجر دماغة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق